03 - 11 - 2025

ضوء | ما بين شارون والنتن ياهو

ضوء | ما بين شارون والنتن ياهو

نقارن بين إثنين من مجرمي الكيان الصهيونى، والفارق بينهما ٢٥ عامًا من الزمن، لنرى أن سياسة الكيان الصهيوني وأساليبه واحدة وثابتة منذ نشأته، ألا وهي سياسة القمع والقتل والنار والحديد.

شارون خلال توليه وزارة الدفاع، قاد الاجتياح الصهيوني على لبنان عام 1982، وقد خلص تحقيق رسمي إلى أنه يتحمل "مسؤولية شخصية" عن مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبت بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وراح ضحيتها آلاف النساء والأطفال والشيوخ، الأمر الذي أكسبه لقب "جزار بيروت".

وفي سبتمبر 2000 قام شارون باقتحام الحرم القدسي، رغم معارضة لجنة الوقف الإسلامي والقيادة الفلسطينية. وأدى ذلك إلى اعتداء الشرطة الصهيونية على المصلين، وأودى بحياة المئات منهم.

وعلى إثر الاعتداء على المصلين اشتعلت نار الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي استمرت أربع سنوات، واستشهد فيها الآلاف من الفلسطينيين.

ومنذ سبعينيات حتى تسعينيات القرن العشرين، كان شارون من أبرز الداعمين لبناء المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وجاء النتن ياهو لتسقط كل الأقنعة أمام همجيته وصلّفه، وليقترف الفظائع بحق الشعب الفلسطيني.

إنها سياسة مؤسسة بأكملها تنتهج القمع والوحشية، لا سياسة أفراد، وتفرّخ أمثال سموترش وبن غفير، اللذان يستمتعان بإنتهاك المسجد الأقصى يومياً بمصاحبة شلة من المستوطنين.

إنها حرب وجود، وهذا الكيان الفاشي العنصري الذي ينتهج لغة القوة لا غير، لأنه يمتلك: المال والإعلام والسلاح.

وفي عُرف جنرالات وحاخامات الكيان الصهيوني تتطلب حرب الوجود هذه التضحية بمئات الجنود والمستوطنين الصهاينة، من أجل الحفاظ على هذا الكيان واستمراره، لكن إذا تعدّت التضحية إلى الآلاف، فهذا يحسب له حساب.

وما فعله النتن ياهو في غزة من مجازر طوال العامين الماضيين من القرن الواحد والعشرين، جرائم يندى لها الجبين، وتذكّرنا بجرائم شارون، وتوكّد لنا أن لا عهد ولا ميثاق للصهاينة، فمنذ اتفاقية وقف إطلاق النار بين النتن ياهو وترامب، في ١١ اكتوبر ٢٥، استشهد ٢٣٦ شخصاً في غزة، عدا عن مئات الجرحى، كما ازادت حدة قمع الجيش الصهيوني والمستوطنين في كل مدن وبلدات الضفة، وبالأخص في القدس ونابلس وجنين وطولكرم، وتكالب المحتل على الأسرى في السجون، كما ازادت الاعتداءات الصهيونية على لبنان، وكأن النتن ياهو يقول للعالم لا تصدقوني مطلقاً، فلا عهد لي ولا أمان.

وهذه سياسة المحتل والمعتدي دومًا.

ألم يفعل الاحتلال الأمريكي في العراق مثل ذلك وأكثر؟ لا تأتمن ولا تأمن المحتل أبدأ.

فلا أحد ينسى طريق الموت، وما فعله المحتل الأمريكي في الجيش العراقي، بعد أن وافق صدام على الخروج من الكويت، وأخذ كلمة الأمان ممن لا أمان لهم، فتم الاجهاز على الجيش العراقي كله في لحظة.

أما بالنسبة للشعب الفلسطيني، فإن التضحيات لا حدود لها في سبيل الأرض والكرامة، وعلى الشعب الفلسطيني وقياداته مراجعة الذات دوماً، والتأكد من الأسلوب الأمثل والأفضل لتحقيق الهدف، والتأكد أيضا من الإمكانيات الذاتية والظروف الموضوعية، ودراسة أثر ونتائج أي خطوة يخطونها، وتوقع حجم التضحيات، وكيفية التقليل منها، بلا تنظير ولا مثاليات، فالسياسة تتطلب الذكاء والحنكة، كما تتطلب حساب المعطيات والنتائج لتحقيق الأهداف.

يجب التوحيد بين أهداف الشعب الفلسطيني وقيادته، فالجميع يُصرّح أن المقاومة لا الاستسلام هو الأسلوب الأمثل، لكن لكل فصيل شكل ومفهوم خاص للمقاومة، لذلك لابد من توحيد المضمون والشكل والمفهوم، وكيفية التعامل مع العدو بواقع المرحلة، وإلا ستتكرر المأساة نفسها ونعيد الكرّة، لنتجرع النكبات من جديد.
---------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | ما بين شارون والنتن ياهو